أصبوحة – الكتاب والإرهاب
وليد الرجيب
زرت صديقاً قديماً في إحدى دور النشر العربية بمعرض الكتاب، وسألته عن حجم الزائرين ومشتريات الكتب، فقال بما يشبه الحسرة: إن هذا المعرض مخيب للآمال، بعد أن رأينا انتعاشاً وإقبالاً في معرض الكتاب بالشارقة، وأردف أنه يشارك في معرض الكويت للكتاب منذ ما قبل الغزو، ولمس فرقاً شاسعاً بين المعارض أيام زمان والسنوات الأخيرة، وكأن هناك ردة للثقافة في بلد كنا نعتبره بلد الثقافة.
فالرقابة لم تفرج عن مئات الكراتين التي تحمل عناوين جديدة للكتب، والعاملون برقابة المطبوعات، يجلسون عند مداخل صالات العرض، للتدقيق على الكتب الداخلة للمعرض، ويقومون بجولات تفتيش على دور النشر، كما أن إقبال الجمهور على شراء الكتب قليل، فالمتفرجون أكثر من المشترين، رغم أنها عطلة نهاية الأسبوع، حيث يغص المعرض عادة بالرواد ومحبي الكتاب.
وقال صديقي خائب الأمل: إنه لا يجد تفسيراً منطقياً لهذا التشدد الرقابي، على سلعة تسهم في رفع وعي شعوبنا، خاصة وأن بلداننا تواجه خطر الإرهاب، حيث يجب فسح الحريات كي تكون الشعوب ظهيراً للحكومات في مكافحة الإرهاب الظلامي، الذي يكره التنوير والثقافة ويعتمد على جهل وسخط شعوبنا، من خلال تجنيد الشباب المحروم من الحريات، وتفجير أنفسهم وقتل الأبرياء جهلاً بالدين الإسلامي، فمنع الاطلاع على المعلومة، والتشدد على وسائل التواصل والمعلومات الالكترونية، يثيران غضب الشباب ويزيدانهم جهلاً، ويجعلانهم مهيئين لغسل أدمغتهم.
كما أن صاحبي لم يقلل من شأن غلاء المعيشة والأسعار، فقد لاحظ أن سكن أصحاب دور النشر، وشرائح الهواتف وأسعار المطاعم، تزداد أسعارها سنة بعد سنة في الكويت، وهذا يصعب على الناس شراء الكتب برواتبهم المحدودة، ولا يشجع دور النشر للمشاركة في معرض الكويت للكتاب.
وفي صباح اليوم التالي، قرأت في العناوين الرئيسية للصحف اليومية، خبر اعتقال شبكة في الكويت تمول المنظمات الإرهابية، وتزودهم بالصواريخ المضادة للطائرات، وتساءلت بيني وبين نفسي: أيهما أخطر على البلد والشعب، الكتاب أم الإرهاب؟! فهما ضدان متعارضان، فالإرهاب ضد الكتاب ويعتبر التنوير في غير مصلحته، فألا يجدر بنا محاربة الإرهاب بنشر الكتاب والثقافة، وإتاحة حرية الرأي والتعبير والاطلاع على المعلومة؟