بعيداً عن لعبة تقاذف «كرة» المسؤولية التي اعتدناها بين مسؤولي الدولة في الكويت، عند حدوث أي مشكلة، فلا شك أن ما تعيشه مرافق وزارتي التربية والتعليم العالي ينبئ بتصاعد وتضخم لكرة الثلج التي يبدو أن الوزير الدكتور بدر العيسى سينوء بحملها إذا ما استمرت في التدحرج ولم يعمل على إيقافها بطريقة ما هو أعلم بها.
وكرة الثج تلك لا تتوقف على ما نشهده من حالة اضطراب فرضته زائرتنا القديمة الجديدة، ونقصد بها «أنفلونزا الخنازير» بل تتعدى ذلك إلى ملفات إدارية تزداد تعقيداً في ضوء غياب الرؤية المحددة لمعالجتها ووضع الحلول لها.
ولأن الأمر يفرض نفسه فإننا نبدأ بمشكلة الأنفلونزا التي اقتحمت الفصول الدراسية في المدارس وقاعات المحاضرات في الجامعة والتطبيقي، وأمام تناقضات التصريحات القادمة من الشويخ بين وزارتي التربية والصحة، فإننا نضرب كفاً بكف، ونبحث عن خيط مهما كان رفيعا ربما يوصلنا إلى الحقيقة. فالوزير العيسى قال إن ما لدى وزارة الصحة من طعوم لا تكفي لتطعيم كل طلبة المدارس ضد الفيروس، ليرد عليه في اليوم نفسه ــ الخميس الماضي ــ وكيل وزارة الصحة الدكتور خالد السهلاوي بأن الطعوم متوافرة بما يكفي، فضعنا بين الاثنين.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية تحاول وزارة الصحة طمأنة المجتمع بأن أنفلونزا الخنازير لا تعدو أن تكون مثل الأنفلونزا العادية، مشددة على أن منظمة الصحة العالمية صنفتها ضمن ما يسمى بـ«الأنفلونزا الموسمية» التي لا خطر منها، ومع هذه الطمأنة نجد الحركة تدل على غير ذلك. ومع وجود وفيات، عمدت الصحة، مرة أخرى، إلى التقليل من خطرها وأهميتها، مشيرة إلى أن الوفيتين اللتين حدثتا في مستشفى العدان لمريضين يعانيان بالأساس من أمراض مزمنة أدت تداعياتها مع الأنفلونزا إلى الوفاة، وهو تبرير لم يبدد المخاوف في ظل تمدد المرض إلى المدارس، حيث سجلت أكثر من أربع إصابات وفق ما أعلن وزير التربية، كما تمدد إلى الجامعة والتطبيقي بإصابة أستاذ جامعي وطالبة، فيما كشفت بعض الصحف عن وفاة ثلاثة أطفال بالفيروس وإصابة طبيبين في مستشفى الصباح، ما يستوجب أن تكون وزارة الصحة ــ وبالمعية وزارتا التربية والتعليم العالي ــ أكثر شفافية في كشف حقيقة المرض وتغلغله في المجتمع.
وفي سياق ملفات كرة الثلج التي تتضخم في وجه وزير التربية، يبرز ما تشهده الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، فبعيداً عن المحاولات الحثيثة لفصل «التدريب» عن «التعليم» في الهيئة تبدو المناصب الإشرافية أكثر إلحاحاً في ضرورة حسمها وتعاطي الوزير العيسى معها، لأن في الهيئة أربعة مناصب إشرافية عليا تتعلق بنواب المدير العام لاتزال شاغرة، وهي مناصب نائب المدير العام للشؤون المالية والإدارية، ولشؤون التعليم التطبيقي والبحوث، ولشؤون الخدمات الأكاديمية المساعدة، ولشؤون التدريب.
وكما تسرب وقرأناه في بعض وسائل الإعلام، فإن الوزير يتعرض لضغوط بهدف تعيين بعض الشخصيات في المناصب المذكورة، دون النظر أو مراعاة الشروط الواجبة والكفاءة، ولاسيما أن تسكين تلك المناصب ــ حسب المتبع ــ لا يخضع إلى لجان اختيار وشروط واضحة، وإنما يتم بناء على ترشيح المدير العام، وهو أمر لا شك أنه سيتضمن ضغوطاً وحسابات بعيدة عن الشأن الأكاديمي، وهو ما يرفضه الميدان الأكاديمي في الهيئة بشكل قاطع، ويطالب بتشكيل لجنة للاختيار حتى يطمئن كل عضو في هيئتي التدريس والتدريب إلى أن الاختيار يتم وفق معايير علمية وليس وفق أهواء او روابط عائلية من داخل الهيئة كما هو معلوم أو ضغوط خارج أسوار الهيئة.
ولأن الوزير العيسى قام بعمل مشهود في وزارة التربية من خلال تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص أمام الجميع للمناصب الإشرافية، وشكل لجنة استقبلت كل المرشحين لمناصب مديري المناطق التعليمية، هذه اللجنة التي قابلت جميع المرشحين، مرتين حيث لم تجد في المرة الأولى الكفاءات التي تستحق تولي المناصب فأعادت إعلان استقبال طلبات الترشح ومقابلة مستوفي الشروط حتى اختارت أكفأ المتقدمين، وهو ما نريده في التطبيقي، فننتظر الإعلان عن استقبال طلبات من يريد الترشح لمناصب نائب المدير وليضعوا الشروط التي يرونها، وليترشح من ينطبق عليه، حتى نضمن أن التسكين جرى بمعايير علمية بعيداً عن التدخلات والأهواء، ولينتهِ ملف، ويتفرغ القائمون على الهيئة، وفي مقدمهم مديرها العام الدكتور أحمد الأثري، إلى ملفات أخرى، أولها ما يثار عن أعضاء هيئة التدريس، وثانيها استعداد الهيئة لاستقبال 8900 طالب وطالبة في كلياتها ومعاهدها في الفصل الثاني الذي أصبح على الأبواب، وغيرهما من ملفات.