بمناسبة فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب تتبادر إلى الذهن جدلية النشر والرقابة على الكتب، فالرقابة الصارمة على معارض الكتب أصبحت متلازمة لحرية النشر والتعبير في عالمنا العربي.
فمعارض الكتب الدولية في دول الخليج والعالم العربي تتوالى في مواسم تحتفي فيها هذه الدول وتتزاحم الصالات وتتراكم الكتب على الأرفف ويحضر الجميع ولكن تغيب الحرية مع تواجد غول الرقابة العربية الذي يجعل معارض الكتب الضخمة تفتقر للكتاب الذي ينشر الحقيقة ويعكس صورة الرأي الحر غير الموجه باتجاه بوصلة الحكومة.
رغم شفافية عالم اليوم لايزال مقص الرقيب العربي سيد الموقف في معارض الكتب العربية، وفي هذه المرحلة ارتفعت حساسية الرقيب العربي مع المتغيرات التي طرأت على الساحة العربية سياسيا. فأصبحت الكلمة الحرة المعبرة خصما للحكومات التي تحجب مايطلبه القارئ من كتب موضوعية تبحث في العمق السياسي وأبعاده الحقيقية فيما يتعلق بالواقع العربي الراهن في هذه المرحلة الحساسة.
الكثير من الحكومات العربية تمارس «الرقابة الحمقاء» إن صح التعبير لأنها رقابة تقليدية بائدة في زمن مفتوح تنتقل فيه الكلمة ويسري الصوت بين أقصى نقطتين في مشرق الارض ومغربها في ثوان قليلة فتتحطم الحواجز وتنكسر القيود أمام هذا التطور التقني في عولمة الفكر والثقافة، ومع ذلك يأتي الرقيب ليمنع ويمنح وفق مقاييس مزاجية أحيانا وغالبا مقاييس تحددها السلطة حيث تضع الخطوط الحمراء في حين يكون ذلك الكتاب الذي منعه الرقيب صار في حوزة القارئ قبل أن يتم منعه فينتقل عبر الفضاء الإلكتروني ويتم تداوله بلا حواجز، ومن ثم لا يعود للرقابة أي جدوى.
الفكر والثقافة ترتبط بالحرية ولا يمكن أن تنمو وتزدهر إلا تحت الشمس، في حين نجد سياسة الوصاية على العقول هي السائدة في منهجية المؤسسات والهيئات الثقافية وكأن الناس يعيشون في كهوف منعزلة في حين أن العالم مرتبط بشبكة عنكبوتية، أصبح كل ما هو ممنوع عند أطراف أصابع أي مواطن عربي.