أكد معالي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، حفظه الله الحرص البالغ لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على إزالة الشوائب كافة والعمل على بذل الجهود الحثيثة للمحافظة على المكتسبات الكبيرة التي تحققت لمجلس التعاون.
وأشاد الشيخ صباح الخالد في كلمته الافتتاحية لأعمال الدورة ال132 للمجلس الوزاري الخليجي الذي انطلقت أعماله هنا اليوم بالحرص الأكيد والتكاتف الوطيد بين دول مجلس التعاون الخليجي لمواصلة “المسيرة المباركة” للمجلس. كما أكد حرص دول المجلس على السعي وراء تحقيق المزيد من التلاحم والتعاضد المنشود بينها وبين شعوبها ترسيخا وترجمة لرؤى قادة دول المجلس للوصول إلى أعلى مستويات الترابط والتنسيق تعزيزا للعلاقات المصيرية بين هذه الدول.
وأشار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إلى أن دول المجلس وشعوبها تواجه “تناميا غير مسبوق لآفة الإرهاب وذلك عبر مجاميع تتستر برداء ديننا الإسلامي الحنيف وهي أبعد ما تكون ما تكون عن رسالته الإنسانية السمحاء”. وجدد “عظيم الإدانة وبالغ الاستنكار” لممارسات تلك المجاميع التي تستغل الدين الإسلامي كذريعة للقتل والتهجير وترويع الآمنين مؤكدا الترحيب بقرار مجلس الامن رقم (2170) حول مكافحة الإرهاب والذي يدعو إلى الامتناع عن دعم وتمويل وتسليح الجماعات الإرهابية “المجرمة”.
وأشاد الشيخ صباح الخالد بمضامين كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الأول من أغسطس الجاري بضرورة محاربة كل من يحاول اختطاف الإسلام وتقديمه للعالم على أنه دين التطرف والكراهية والإرهاب مثمنا ومقدرا تبرعه بمبلغ مئة مليون دولار دعما من المملكة العربية السعودية لجهود المركز الدولي لمكافحة الإرهاب. وحول التطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة رحب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 26 أغسطس الجاري بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والذي أشرفت عليه وقادته بجهود مستمرة “وهي محل تقدير” جمهورية مصر العربية “مؤكدا ان تلك الجهود تمثل دور مصر التاريخي باعتبارها السند الرئيسي الداعم للقضية الفلسطينية.
وجدد الدعوة للمجتمع الدولي إلى ضرورة تطبيق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والاضطلاع بمسؤولياته الإنسانية وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني بموجب اتفاقية جنيف الرابعة والعمل على رفع الحصار عن قطاع غزة وإعادة إعماره وبذل الجهود اللازمة لاستئناف المفاوضات وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية بموجب حدود الرابع من يونيو 1967. وأشار الشيخ صباح الخالد في كلمته الى أن الاتفاق الأخير جاء بعد أن شهد العالم أجمع 50 يوما دمويا نتيجة العدوان الإسرائيلي السافر على قطاع غزة “مارست فيه آلة الحرب الإسرائيلية البشعة أفظع أنواع القتل والعنف وخلفت آلاف القتلى والجرحى وخاصة من المدنيين العزل من الشيوخ والنساء والأطفال وتدمير واسع للبنية التحتية ومؤسسات القطاع المختلفة ما زاد من حجم المأساة والمعاناة الإنسانية”.
وعبر النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية عن قلق دول مجلس التعاون البالغ إزاء تدهور الأوضاع الأمنية في العديد من المناطق في العراق وتشديدها على أهمية ضمان وحدة وسلامة أراضيه ومشاركة أطيافه كافة في العملية السياسية. وجدد التهنئة الصادقة باختيار الدكتور فؤاد معصوم رئيسا للجمهورية العراقية والدكتور حيدر العبادي رئيسا لمجلس الوزراء والدكتور سليم الجبوري رئيسا لمجلس النواب متمنيا التوفيق والنجاح في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة للمضي قدما في تحقيق الأمن والاستقرار في ربوع العراق كافة. وأكد الشيخ صباح الخالد أن دول مجلس التعاون الخليجي تنظر ب”ألم بالغ” إلى استمرار دوامة العنف في سوريا والتي دخلت عامها الرابع وهي تحصد يوميا “بشكل مفزع” الأرواح والممتلكات دون انفراج لها.
ورحب بقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2165) الخاص بفتح معابر جديدة لإيصال المساعدات إلى الشعب السوري المنكوب. كما عبر عن التمنيات بنجاح مهمة المبعوث الخاص للامين العام للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي مستورا مؤكدا أهمية مواصلة العمل للوصول إلى حل سياسي يحفظ لسوريا وحدتها وأمنها واستقرارها وسيادتها وبما يعجل بوقف تدهور الأوضاع وخاصة الأوضاع الإنسانية في الداخل وفي دول الجوار.
وأشار إلى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة السادس الصادر في 21 أغسطس الجاري بشأن تنفيذ جميع أطراف النزاع السوري لقراري مجلس الامن (2139) و(2165) والذي يفيد بأن شهر يوليو الماضي كان أكثر الأشهر دموية منذ اندلاع النزاع في سوريا حيث فاق عدد القتلى والجرحى من المدنيين ألف شخص. وأعرب عن الأمل بشكل ملح في تضافر الجهود كافة من أجل إيصال المساعدات الإنسانية للشعب السوري في الأماكن المحاصرة وفي عموم الأراضي السورية وخارجها بأقصى سرعة ممكنة.
وفي الشأن اليمني أكد الشيخ صباح الخالد في كلمته أن دول المجلس بذلت على مدى السنوات الماضية جهودا متواصلة نحو إقرار الأمن والاستقرار في اليمن والعمل على تحقيق تطلعات شعبه بالتنمية والرخاء معولة كثيرا على أهمية مؤتمر الحوار الوطني الشامل سعيا إلى إنجاح العملية السياسية المنطلقة من المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية.
وأضاف “إلا أن القلق مازال يعترينا من استمرار الاقتتال وتدهور الأوضاع الامنية مما يعرقل كل الجهود الخيرة والتطلعات النبيلة نحو استعادة الهدوء وبناء غد آمن ومشرق لليمن الشقيق”. وأكد دعم دول المجلس الكامل للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحكومته في مسعاها لتطبيق مخرجات الحوار الوطني ومكافحة جميع أشكال العنف والإرهاب “التي تقودها بعض المجموعات المنشقة”.
وحول علاقات مجلس التعاون مع إيران أشار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إلى أهمية معالجة القضايا التي تبعث على القلق على صعيد العلاقات الثنائية واهمية التوصل إلى اتفاق دولي حول برنامج إيران النووي وفق التزام إيراني كامل بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقرارات مجلس الامن ذات الصلة والالتزام بتطبيق اعلى معايير السلامة والأمان لمنشآتها النووية والانضمام الفوري إلى اتفاقية السلامة النووية والتعاون مع دول منطقة الخليج العربي في المحافظة على السلامة البيئية. واعتبر الشيخ صباح الخالد أن ما تعانيه المنطقة العربية وما يعصف بها من أزمات طاحنة وتناحر شديد وإزهاق مستمر للأرواح وتدمير للممتلكات يدعو إلى التأكيد على موقف دول مجلس التعاون المتمثل في حرصها التام على بذل جميع الجهود الرامية إلى استقرار الأوضاع في المنطقة وتقديم العون من أجل تحقيق ذلك لهذه الدول الشقيقة ورفعا لمعاناة شعوبها.
وفي الشأن الليبي دعا جميع الأطراف السياسية في ليبيا للالتفاف حول المؤسسات الدستورية الشرعية المنتخبة آملا تنفيذ الخطة المقدمة من مجلس النواب في ليبيا الرامية إلى وقف العنف ومواصلة العملية السياسية. وقال انه “في هذا السياق اود أن أسلط الضوء على القرار الصادر عن مجلس الأمن رقم (2174) بشان الأشقاء في ليبيا والذي بدوره يوفر الأرضية لردع الأفعال التي تهدد السلم والأمن والاستقرار في ليبيا ويطالب بوقف إطلاق النار الفوري وصولا إلى مرحلة الدخول في حوار سياسي شامل ودعم العملية السياسية الجارية في ليبيا وكافة الجهود بما يحفظ وحدة ليبيا واستقلالها وسلامة أراضيها”.
إلى ذلك هنأ الشيخ صباح الخالد في كلمته باسم وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي حكومة وشعب سلطنة عمان بنجاح الفحوصات الطبية للسلطان قابوس بن سعيد سائلا المولى عز وجل أن يسبغ عليه موفور الصحة وتمام العافية لاستكمال مسيرة البناء والتنمية في سلطنة عمان. وكان النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح وصل إلى هنا في وقت سابق اليوم لترؤس اجتماع الدورة ال132 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.