الديوانية – الإرهاب هو إسرائيل.. وليس الإسلام
أ.د محمد عبدالمحسن المقاطع
الحملة المتصاعدة بالغرب ضد الإسلام والمسلمين، التي تطالب بطرد المسلمين من الدول الغربية والدعوات المشبوهة لحرق القرآن الكريم، هي حملة ظالمة وخاطئة، وفيها نفَس متطرّف ومرفوض. نعم، ما حدث في تفجيرات باريس وراح ضحيتها الأبرياء جريمة وأعمال مدانة لا يقرّها الإسلام ولا المسلمون. نعم، من قام بتلك الأعمال مسلمون، وهو أمر مؤسف ومحزن في آن واحد، لكنهم لا يمثلون المسلمين.
لكن، كل ذلك لا يبرر الحملة المتصاعدة والموتورة التي يشهدها الغرب ضد الإسلام والمسلمين.
فكلنا نعلم أن التطرف والتعصب، بل والإرهاب من البعض، في كل الديانات والمذاهب، بل إن المسلمين هم أكثر ضحايا التطرّف والتعصّب اللذين مارسهما بعض النصارى واليهود، والتاريخ المعاصر بذاكرته الموثقة خير شاهد على ذلك. فكلنا نعلم أنه قتل في البوسنة والهرسك أكثر من 300 ألف مسلم، منهم 70 ألف مسلم قُتلوا في مجازر جماعية، كما هدم ما يقارب 800 مسجد، واعترف المجرم الصربي سولوبدان ميلوسوفيتش حينما سئل عما يفعله بمسلمي البوسنة، فقال «اني أطهّ.ر أوروبا من أتباع محمد».
إن الحملات المتصاعدة والموتورة في الغرب ضد الإسلام والمسلمين وتدعو الى حرق القرآن الكريم يجب ألا ترهبنا ولا تفقدنا توازننا في أن نعتز بديننا وهويتنا الإسلامية، بل يجب ألا نقبل أن يتم ربط الإرهاب بالإسلام ونستجيب أو نشارك بهذا التوجّه الظالم، بل ينبغي أن نتصدى لكل محاولات انتهاز لهذه الحوادث الشاذة أو المتطرفة، لتشويه الإسلام أو التحريض ضده أو ضرب مقدساته، اضطهاداً للمسلمين.
إن الغرب هو المصدّ.ر للإرهاب وأدواته والمساند لرموزه والمؤيد لممارساته!
أوليس الغرب هو الذي زرع في بلاد المسلمين والعرب دولة الصهاينة المغتصبة وساندها بالسلاح والسياسة والتدخُّل المباشر، رغم أنها تمارس «إرهاب الدولة» يومياً، ونهاراً جهاراً، وهو لا يحرّك ساكنا تجاهها، بل يقوم بحمايتها وهي التي تقتل وتشرد وتعذب وتسجن الفلسطينيين بكل وقاحة وتعدٍّ، يناهضان أدنى حقوق الإنسان وينتهكان كل مواثيقه؟! فالارهاب هو اسرائيل!
أوليس الغرب هو الذي يساند ويشجع بعض الحكّام العرب والمسلمين الذين أذاقوا شعوبهم سوء العذاب؟ أوليس الغرب هو الذي يصنع ويبيع معدات وأسلحة الحرب وآلياته الفتاكة وأجهزة التعذيب، ويعمد لتأجيج بؤر التوتر والصراع والاقتتال في شتى بقاع العالم كي يبيع أسلحته وترسانته ومعداته؟! أوليس الغرب هو الذي يقود المنظومة الدولية والمنظمات الدولية، ويقسم العالم لمناطق نفوذ وسيطرة، ليستولي على خيرات الشعوب ومقدراتها؟! أوليس الغرب هو الذي صنع «داعش»، أو تركه يعبث كما يشاء، وسيطر على أجواء سوريا والعراق وترك لــ«داعش» الفرصة ليكبر ويتمدد وينتعش ليصبح غوله الذي يسلطه على من يشاء؟!
إذاً، لا أحد سوى الغرب هو الذي ينطلق من اعتبارات تخويف وتجويع وترهيب الشعوب عبر إذاقتها أصنافا من الويلات، ويدفع الناس للاقتتال والثأر والتناحر مع ما يتولد عن ذلك من ظهور للمتطرفين بطرق وأشكال مختلفة. أما الاسلام والمسلمون والدولة الإسلامية فانهم جميعا بريئون مما يحاول الغرب أن يلحقه بهم، فالتسامح والتعايش وإفساح الحياة للآخرين هي ركائز الإسلام. ولذا؛ فإن الحملة المسعورة في الغرب لملاحقة المسلمين وطردهم وحرق القرآن الكريم هي حملة متطرفين، عليهم أن يدركوا أن استمرارهم فيها سيجر عليهم الوبال ويلحق بهم الضرر، لأن السياسات الخاطئة لا تورّث إلا الأذى!