اتخذت انقرة أمس خطوات اضافية لخفض التوتر مع موسكو بإعلانها تسلم جثة الطيار الروسي استعداداً لنقلها الى بلاده بعد اعلان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان «حزنه» لإسقاط القاذفة الروسية الثلثاء، على أمل نجاح جهود دول أوروبية لتهدئة غضب الرئيس فلاديمير بوتين وقبول لقاء اردوغان خلال فترة وجودهما القصيرة في افتتاح قمة المناخ في باريس اليوم وسط اجراءات أمنية مشددة وتكتم ازاء مكان وجود بوتين، في وقت ارتكب الطيران الروسي مجزرة في اريحا شمال غربي سورية.
وقبل توجهه الى بروكسيل لإنجاز اتفاق يتعلق بوقف تهريب اللاجئين السوريين الى اوروبا، قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أمس: «الطيار الذي قتل خلال انتهاك المجال الجوي سلم إلينا على الحدود الليلة الماضية»، مضيفاً أن ديبلوماسياً روسياً توجه امس برفقة ممثل عن الجيش التركي إلى محافظة هاتاي قرب الحدود السورية لتسلم الجثة. وقال: «قام كهنة أرثوذكس بالصلاة على الجثمان في هاتاي بما يتوافق مع تقاليدهم الدينية».
وهذه الخطوة الثانية من تركيا لتهدئة الوضع مع روسيا بعد اعلان أردوغان السبت حزنه لإسقاط القاذفة وتمنياته لو أنه لم يحصل أبداً. ودعا أردوغان، للمرة الثانية خلال يومين، إلى لقاء الرئيس الروسي أثناء وجودهما في باريس لحضور قمة المناخ التي تبدأ اليوم وسط اجراءات امن صارمة بعد الاعتداءات الإرهابية. إلا أن موسكو رفضت حتى الآن تخفيف الضغوط ولم تعط بعد رداً. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف السبت: «من وجهة نظرنا، من الصعب الآن تحديد إلى أي مدى يمكن التنبؤ بسلوك القيادة التركية». وكان بوتين وقّع السبت مرسوماً تضمّن الإجراءات العقابية «الهادفة إلى ضمان الأمن القومي وأمن المواطنين الروس» وتشمل حظر الرحلات التشارتر ومنع أرباب العمل الروس من توظيف أتراك وإعادة العمل بنظام تأشيرة الدخول بين البلدين بداية العام المقبل.
لكن داود أوغلو كرّر دعوات بلاده إلى التهدئة. وقال: «العلاقات بين تركيا وروسيا ترتكز على أساس مصالح مشتركة. وأدعو بالتالي السلطات الروسية إلى أخذ هذا الأمر في الاعتبار والعمل في اتجاه التهدئة». واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مقابلة مع محطة «فرانس-24» السبت أن «هذا الحادث بين عضوين أساسيين في التحالف ضد تنظيم داعش، مؤسف». ودعا قادة البلدين إلى «نزع فتيل هذه الأزمة وحلها عبر الحوار»، فيما اعلنت مسؤولة الشؤون الأمنية والخارجية الأوروبية فيديركا مونغريني أمس انها تعمل «على ضمان ألا يؤثر التوتر بين روسيا وتركيا في وجهات النظر السياسية التي توصلنا اليها اخيراً (في شأن سورية). سيكون خطأ جسيماً اذا ألغينا أو خفضنا مستوى التعامل الديبلوماسي والسياسي بسبب التوترات على الأرض التي يمكن ان تكون شديدة ومن الصعب للغاية التعامل معها».
وأفادت «سانا» بأن الرئيس بشار الأسد قال خلال لقائه علي أكبر ولايتي المستشار الأعلى لقائد الثورة الإسلامية في إيران امس ان «الإنجازات المهمة التي يحققها الجيش في مكافحة الإرهاب بدعم من الأصدقاء في مقدمهم إيران وروسيا قد دفع بعض الدول المعادية لسورية لمزيد من التصعيد وزيادة تمويل وتسليح العصابات الإرهابية»، علماً ان دمشق تسمي جميع فصائل المعارضة بـ «الإرهابيين».
وفي عمان، أكدت مصادر سياسية مطلعة «أن اجتماعا أمنيا موسعا سينعقد قبل منتصف الشهر المقبل في العاصمة عمان لبحث ترتيبات وضع قائمة بالتنظيمات الإرهابية في سورية» تمهيدا لرفعها لاجتماعات «المجموعة الدولية لدعم سورية» الشهر المقبل. وشددت على أن الاجتماع الموسع هو الأول من نوعه، وأنه يتم التحضير له ضمن «نطاق أمني ضيق، وبحضور ممثلين عن دول أطراف في تسوية الأزمة السورية»، دون الكشف عن موعد محدد لانتهاء الاجتماعات. لكنها قالت أن دور الأردن سيكون «تنسيقيا بين الدول الأطراف، من خلال عرض المعلومات التي تساعد في تحديد تلك الجماعات الإرهابية».
ميدانياً، قال نشطاء معارضون إن «50 مدنياً قتلوا وجرح عشرات بقصف روسي على سوق في أريحا» في ريف ادلب، مشيرين إلى أن «العدد مرجح للزيادة بسبب وجود جرحى حالتهم خطرة». وبثوا فيديو لجثث على الأرض وآليات تزيل آثار الدمار في المدينة.