وجع الحروف
د. تركي العازمي
يهبط سعر برميل النفط، وتهبط معه قيمة الإنسان المخلص لربه ووطنه في ظل وجود «المتزلفين»!
والمتزلف هو من يبدي بلسانه من الحب والود ما لا يضمره في قلبه… يعني منافقاً!
هؤلاء يجلسون خلف شاشات الجهاز من «موبايل»٬ «لابتوب»، «تابلت» و«هات مدح وثناء» في مجموعة و«ذم وقدح» في مجموعة أخرى وفق ما تدفع به نفسه من انطباعات في غالبها تحركها سوء النية والمقصد، وهم دائماً ما يبحثون عن مصالحهم في «خرم الإبرة»… قد تجده عدواً لهذا وصديقاً له في الغد، ويعيشون على التناقضات والاختلافات بين أحبتنا.
بدأت بسعر البرميل وهبوطه لأنه مادي ملموس ثابت معلن في الأسواق العالمية لشريان الحياة لدينا لكن ما تضمره النفوس «النية» غير معلن فقيمتها وتقييمها يختلف من فرد لآخر.
لذلك كنت ومازلت أردد… كن على نفس المسافة مع الجميع من طوائف ومجاميع وكتل حتى على مستوى عائلتك فأنت إن عدلت بين أفراد عائلتك كسبت الاحترام الذي لا يقدر بثمن.
الدافع هنا سببه أن مجتمعنا في الآونة الأخيرة قد شهد ازدياداً خطيراً في عدد «المتزلفين» من أبناء جلدتنا.
عندما كتبت عن بعض الوزراء «مادحاً» قوبلت بالنقد الشديد ولا أعلم ماذا يريدون! فهل يفترض أن نوجه النقد بروح سلبية على الدوام، ونتجاهل إيجابيات البعض حتى على مستوى علاقاتنا الاجتماعية؟
لم أفهم سر حب البعض للانتقاد والبحث عن الأخطاء…؟ وقد بحثت في هذا الجانب لربما أكون مخطئاً فوجدت أن معظم الدراسات قد ذكرت في نتائجها البحثية وتحديداً المتعلق منها بالعلوم الاجتماعية أن الأخطاء واردة لكن ينبغي علينا تعزيز الصفات الإيجابية ومع الزمن يفترض تجاهل السلبي منها.
إنها أشبه بالعادات التي ذكرها ستيفن كوفي في كتابه عن العادات الثماني بقوله «إن واظب الفرد على عمل معين لمدة 21 يوماً وهو مقتنع به فسيصبح هذا العمل عادة متأصلة فيه».
نحن تركنا البعض يهاجم ويطعن ويقذف إلكترونياً وفي البث الحي… ومحصلة تجاهل هذا السلوك جعله متأصلا لدى من خالف العرف في التعامل الإيجابي تجاه أي حدث.
حتى على مستوى العبادة… فأنت عندما تتراخى عنها تنحرف أخلاقياً والله خير حافظاً.
زملاء كنا لا نفترق عن بعضنا تواصلاً… ابتعدوا عنا وهنا يجب أن نبرز الجانب الإيجابي في السؤال عنهم؟
أذكر هذا بعد أن وصلني اتصال من صديق قديم عزيز يبرر سبب غيابه، والتمسنا العذر منه لأننا في أساسيات تقييم الانقطاع لم نسمح لـ «المتزلفين» بالدخول على خط التقييم، وقدمنا حسن النية وهو المطلوب في كل شيء.
وأذكر هنا بأمر مهم وهو قاعدة ربانية… فالله عز شأنه يغفر الذنوب جميعاً إلا الشرك فما بالنا نحن البشر الضعفاء نتعالى ونكابر ونوجد الخصومة ونعزز مفهومها بلا سند معنوي أو عذر مكشوف.
صرنا نقيم الأمور من خلال وسيط… ويا أكثر «المتزلفين» ممن لا هم لهم سوى نقل الجوانب السلبية ليظفروا بالحصول على مصلحة نتيجة إقصاء محب لم نسمح له بنقل وجهة نظره ونحكم عليه غيابياً.
خطأنا يكمن في تقريب «المتزلفين» وعدم الوقوف على مسافة واحدة بين الجميع وهو وضع يحتاج إلى تصحيح إن كنا بالفعل نريد إصلاح النسيج الاجتماعي والرقي بآداء منظومتنا الإدارية وبالتالي نستطيع أن نحرر المجتمع من «المتزلفين» ليتقدم الصالح الصفوف ونسهم في الإصلاح اجتماعياً ومؤسساتياً… والله المستعان!