قالت الطفلة «سيفرين كوليس»، والتي لم يتجاوز عمرها الثانية عشرة، في مؤتمر قمة الأرض الذي عقد في البرازيل عام 1992، أمام قادة العالم: «إنني مجر طفلة ولا أملك كل الحلول، وأملي أن تدركوا أنكم أيضا لا تملكون كل الحلول». كانت تخاطب قادة العالم قائلة إنكم لا تستطيعون رتق ثقب طبقة الأوزون ولا معالجة الدمار البيئي والمناخي الذي يعاني منه العالم! وكان لكلماتها الوقع المؤثر على قادة العالم. ومنذ ذلك الوقت انطلقت كثير من المنظمات المدنية بين الشباب تنادي بحماية المناخ.
ويعقد في باريس حالياً مؤتمر المناخ العالمي ويحضره معظم القادة الذين يرسمون السياسات لعالمنا، وهم يملكون القرارات التي من الممكن أن تخفف حالة الاختناق التي تعاني منها البشرية، إذا ما تشكلت قناعة تحتم عليهم عمل شيء ما يوقف الدمار الذي يشهده عالمنا. وتقول الحكمة الهندية: «إننا لا نرث الأرض من أسلافنا، لكننا نستعيرها من أحفادنا».
والحكمة الهندية تؤكد معاناة شباب اليوم، فهم يرثون معاناة جراء سياسات يصنعها غيرهم ويدفعون أثماناً عالية لمثل هذه السياسات، ومن ثم على العالم أن يدرك حق هؤلاء الشباب في الحياة وأنهم مستقبل العالم. شباب اليوم لا يثقون بالسياسة، وهم ينظرون لهم على أنهم يصنعون الدمار بتبني سياسات تضر البيئة ولا تترك فرصة للشباب كي يعيش بسلام وفي بيئة صحية.
والتحولات المناخية الكبيرة التي يشهدها العالم، من أعاصير وفيضانات وارتفاع لدرجة الحرارة.. جميعها قضايا تتبناها المنظمات الشبابية، خاصة بعد انتشار معلومات حول حروب المناخ حيث تشير بعض الوثائق إلى أن أجهزة الاستخبارات العالمية تبذل الجهد العلمي نحو كيفية التحكم بالمناخ. ويقال إن الفيضانات التي تشهدها بعض المناطق ما هي إلا أمثلة لتجارب تجريها هذه الأجهزة، وهذا ما يجعل العالم يقترب من الهلاك التقني. ويبرر بعض العاملين في هذا المجال قائلين إننا اليوم لا نستطيع إعادة تجربة هيروشيما النووية لأسباب أخلاقية، ومن ثم فحروب المناخ ما هي إلا أمور طبيعية من السهل إرجاعها لظروف الطبيعة، والحقيقة أنها حروب مصطنعة تستخدم اليوم في محاربة الأعداء.
تعتبر رابطة «يونغو» من أكثر الروابط الشبابية النشطة التي تأسست في عام 2009، وهي اليوم تنتشر بين كثير من الدول خصوصاً الآسيوية والأوربية. ونتمنى أن يبدي شبابنا في المنطقة العربية الاهتمام اللازم بقضايا البيئة والمساهمة مع شباب العالم في الحفاظ على المناخ، خصوصاً أننا لا نعير مثل هذه القضايا أي اهتمام. ولعل ما يحدث في لبنان يشكل أكثر الأمثلة الحية التي تبين لنا اهتمامات السياسيين وكيف تحولوا إلى جزء من المشكلة التي يعاني منها العالم العربي. فهم يشرعون لمصالحهم غير عابئين بمشاكلنا ولا بمصالح مواطنيهم. إنه ببساطة فساد السياسة.
نقول لشبابنا: إنكم تحملون الأمل، فأنتم ستقودون المستقبل وعليكم أن تنشطوا نحو بناء شبكات مدنية واسعة تسهم في تطوير المجتمع وليس بالضرورة السياسة بمفهومها التقليدي، فقضايانا كثيرة وبحاجة إلى جهود كبيرة لحماية مجتمعاتنا من ظروف مناخية مقبلة تدمر حياتنا وحياة الأجيال القادمة. أما الساسة، فلهم مصالحهم التي لا يمكن صدها وتفتيتها إلا بجهود مشتركة تبث الوعي المجتمعي. ولعل ما يلفت الانتباه في منطقتنا الخليجية هو حجم المخدرات وزيادة تهريبها، وهو أمر يستدعي من الشباب تبني جهود تطوعية تحد من انتشار الظاهرة لكونها مهلكة لنا جميعاً، فهي دعوة للشباب للنهوض بمجتمعاتنا وتخليصها من أمراض فتاكة.