الرئيسية / كتاب وآراء / الشارع العام أصبح اليوم دائرة مَرَضية.. هكذا تعتقد نرمين الحوطي

الشارع العام أصبح اليوم دائرة مَرَضية.. هكذا تعتقد نرمين الحوطي

تعددت أسماؤها واختلفت أشكالها في موطننا العربي إلى أن انتهى بنا التعريف المختصر للبلكونة بأنها «المنفذ من مكان منغلق إلى مكان مفتوح الأبواب»، في الماضي كان الأغلبية يأخذون من البلكونة منفذا لهم لتطهير النفس من الهم والغم من خلال التأمل من الشرفة المطلة أي كان موقعها سواء كانت مطلة على السماء الواسعة أو منفذا على حديقة متلونة بالأزهار والنباتات المبدعة أو متصلة على الشارع العام أو أي كانت صورة جمالية تنقي النفس من الهم والغم الكائن في القلب والعقل، فالبلكونة كانت للمرء منفسا وعاملا نفسيا يلجأ إليه عندما تنغلق الأبواب في وجهه.

أما اليوم فقد أصبحت الشرفات ما هي إلا عامل سلبي للمرء وتلك ليست نتيجة تشاؤمية بل هي حصيلة علمية من واقعنا المعيش، فسماء اليوم ما هي إلا سحب تحمل الكثير من الأمراض والأوبئة يخشى المرء من استنشاقها، والبحر أصبحت أمواجه مصدرا لتجمع النفايات المتعددة، أما الحدائق فباتت في خبر كان، إذن لم يبق إلا الشارع العام الذي أصبح اليوم ما هو إلا دائرة مرضية مما تحمله أيامه الكثير من ساعات القلق والخوف من الغد لبني الإنسان، تلك هي الصور التي تطل عليها الشرفات في ذلك العصر.

اليوم أصبحت البلكونات عاملا سلبيا وليس إيجابيا للمرء كما كان في السابق، فبالأمس كان الإنسان ينظر من الشرفة ليلقي بهمومه إلى الخارج ويقوم بعملية تطهير ذاتي للنفس، أما اليوم فأصبحت البلكونة مصدرا يتلقى منه المرء الكثير من السلبيات عند النظر من خلالها، ومن هذا وذاك أصبحت مجتمعاتنا تحتوي على بلكونات ولكن دون هواء نقي ودون منفذ لتطهير النفس البشرية.

٭ مسك الختام: «لو أن الناس لم يتحدثوا إلا فيما يفهمونه لبلغ السكوت حدا لا يطاق» جورج برناردشو.

 

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*