تعد الحكومة الفرنسية تعديلا دستوريا لتشديد حالة الطوارئ، ويتضمن مشروع القانون المقترح إجراءات استثنائية، وإمكانية إسقاط الجنسية الفرنسية عن مواطنين يحملون جنسيتين في حال إدانتهم بقضايا إرهاب.
في مواجهة خطر وقوع هجمات جديدة في فرنسا تسعى الحكومة الفرنسية إلى تعزيز حالة الطوارىء التي أعلنت بعد اعتداءات باريس الدامية في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، عبر إدراجها في الدستور، وذلك على الرغم من أن تطبيقها بدأ يثير انتقادات.
ويعكس مضمون مشروع التعديل الدستوري الذي عنوانه ‘القانون الدستوري لحماية الأمة’ وأحيل إلى مجلس الدولة لأخذ رأيه قبل دراسته من قبل الحكومة، تشديدا للأجهزة الردعية. ويحتاج النص إلى موافقة ثلثي أعضاء البرلمان.
وتدرج هذه المراجعة حالة الطوارىء في إطار قانون دستوري بعد أن كانت حتى الآن ضمن قانون عادي وتصدر بمرسوم من مجلس الوزراء ‘في حالة وجود خطر وشيك ناجم عن تعديات خطيرة على النظام العام’. ويحتاج تمديدها لأكثر من 12 يوما إلى موافقة البرلمان الذي يحدد مدة التمديد.
ونص مشروع القانون على أن الإجراءات الاستثنائية المتخذة خلال هذه الفترة على غرار الإقامة الجبرية، يمكن أن تمدد ‘لمدة أقصاها ستة أشهر’ بعد نهاية فترة حالة الطوارىء في حال ‘يبقى خطر حدوث عمل إرهابي قائما’.
إدراج إمكانية إسقاط الجنسية عن المواطنين من حملة جنسيتين في الدستور
من جانب آخر سينص الدستور على إمكانية إسقاط الجنسية الفرنسية عن أي فرنسي يحمل جنسية أخرى، وحتى إذا كان مولودا في فرنسا، في حال حكم عليه بشكل بات في أعمال ‘تمثل اعتداء على المصالح الأساسية للأمة أو جريمة تشكل عملا إرهابيا’.
وتطالب السلطة التنفيذية بتضمين الدستور مادة تنص على هذه الإمكانية، في حين يوجد حاليا قانون قلما تم استخدامه يسمح بإسقاط الجنسية الفرنسية عن مواطن مولود في فرنسا ويحمل الجنسيتين في حال ‘تصرف كمواطن من دولة أجنبية’.
وأعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حالة الطوارىء بعد ساعات من اعتداءات باريس التي خلفت 130 قتيلا، ثم مددها البرلمان في شبه إجماع حتى 26 شباط/فبراير 2016.
لكن تطبيقها كان موضع انتقاد منظمات حقوقية ونواب أبدوا قلقهم من المساس بالحريات.
وكشف مجلس محامي فرنسا الذي يمثل مجمل المحامين، أن حالة الطوارىء ‘تسمح بعمليات تفتيش إدارية في أي مكان ليلا ونهارا بما فيها منزل محامي أو صحافي أو برلماني أو قاض’ ودعا إلى الإعلام عن أي تجاوزات قد تقع.
وطلب نواب من مختلف التوجهات السياسية، أبلغوا في حالات عن وقائع محددة في مناطقهم، تعزيز المراقبة على تطبيق حالة الطوارىء، ما دفع الجمعية الوطنية إلى إنشاء جهة متابعة.
تمديد حالة الطوارئ غير مستبعد رغم الانتقادات
أكد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الثلاثاء إنه ‘لا ينبغي استبعاد’ إمكانية تمديد تطبيق حالة الطوارىء بعد 26 شباط/فبراير ‘بحسب (مستوى) التهديد’.
في حين حذر رئيس الوزراء السابق دومينيك دو فيلبان الأربعاء من ‘إغراء (..) الانحراف التسلطي والأمني’ داعيا إلى وضع حد زمني لحالة الطوارىء.
وتم تنفيذ أكثر من ألفي عملية تفتيش دون إذن قاض وأكثر من 300 عملية فرض للإقامة الجبرية وتم غلق ثلاثة مساجد بداعي التشدد، وهذا إجراء غير مسبوق في فرنسا وقد تقدم البعض بشكاوى أمام القضاء.
وسعى فالس إلى الرد على الانتقادات للاستخدام المفرط لحالة الطوارىء والقوانين الاستثنائية. فقال إن الإجراءات المتخذة ‘تتقرر بناء على المعلومات الاستخباراتية التي تجمع من الأجهزة المختصة، بناء على سلوك أو نشاط يوحي بوجود تهديد’.
وأعربت إيمانويل كوسي من حزب بيئي الأسبوع الماضي عن غضبها من فرض إقامة جبرية على ‘ناشطين بيئيين’ قبل قمة المناخ.
لكن وزير الداخلية رد الثلاثاء بأنه تم فرض ’26 إقامة جبرية (..) ليس بحق ناشطين بيئيين بل مخربين’.
وأتاحت حالة الطوارىء للسلطات المحلية في باريس ومنطقة ‘إيل دو فرانس’ منع التظاهر حتى 30 تشرين الثاني/نوفمبر يوم افتتاح قمة المناخ قرب العاصمة الفرنسية.
ومع ذلك فقد تم تنظيم سلسلة بشرية الأحد في باريس سجلت إثرها حوادث بين مجموعات صغيرة من المتظاهرين وقوات الأمن في ساحة الجمهورية بباريس.
وتم تمديد منع التظاهر حتى نهاية قمة المناخ وفي جادة ‘شان إيليزيه’ الشهيرة ومحيطها.