أسدلت محكمة التمييز الستار على الطعن المقدم من بلدية الكويت ضد حكم الاستئناف الذي يلزم الطاعنة بإصدار شهادات أوصاف للمواطنين وإلغاء امتناعها عن ذلك، بحجة أنها لا تصدر لمن يملك سكناً خاصاً مخالفاً بزيادة البناء أو إنشاء مبان داخل مساكنهم الخاصة وخارجها بلا ترخيص.
وقضت المحكمة بإلغاء قرار البلدية الذي يستند إلى قرار مجلس الوزراء بشأن حظر إصدار هذه الشهادات للمواطنين أصحاب المساكن المخالفة، التي تمنعهم من بيع مساكنهم، واكدت في حيثياتها أن هناك عقوبات قانونية للمخالفين وهناك طريقاً لإحالتهم الى المحكمة، أما منعهم من البيع فهذا مخالف للدستور، لأنها تعتبر أملاكاً خاصة.
وتتحصل الوقائع في الدعوى التي أقامها المحامي محمد الأنصاري عن موكله ضد مدير عام بلدية الكويت (الطاعن) ورئيس مجلس الوزراء بصفتهما وطالبهما بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إصدار شهادة بأوصاف العقار المملوكة له والمبين حدوده ومعالمه بصحيفة الدعوى مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة بأن تؤدي له على سبيل التعويض المؤقت 1001 دينار عما أصابه من أضرار مادية وأدبية.
غير سديد
ورأت محكمة التمييز ان دفوع البلدية في هذه الدعوى بأن عدم إصدار شهادة الأوصاف للعقارات المخالفة هي اتباع لقرار مجلس الوزراء ولحفظ حقوق مالكي العقارات الآخرين هو غير سديد.
واوضحت المحكمة ان المقرر في قضاء هذه المحكمة، ان القاضي مطالب أساسا بالرجوع إلى نص القانون ذاته واعماله على واقعة الدعوى وفي حدود عبارة النص، فإذا كانت واضحة الدلالة فلا يجوز الأخذ بما يخالفها أو تقييدها لما في ذلك من استحداث لحكم مغاير لمراد المشرع عن طريق التأويل، كما أن من المقرر في أحكام القضاء الإداري، أن القانون في كثير من اعمال الإدارية لا يكتفي بتحقيق المصلحة العامة في نطاقها الواسع، بل يخصص هدفا معينا يجعله نطاقا لعمل إداري معين، وفي هذه الحالة يجب ألا يستهدف القرار الإداري المصلحة العامة فحسب، بل أيضا الهدف المخصص الذي عينه القانون لهذا القرار عملا بقاعدة تخصيص الأهداف.
ملك للدولة
واضافت المحكمة: ما عدا الأراضي الأميرية فهي ملك للدولة، موضحة: لما كان ذلك وكانت المادة 3 من المرسوم بقانون التسجيل العقاري رقم 5 لسنة 1959 تنص على أن (تختص دائرة التسجيل العقاري بتسجيل المحررات المتعلقة بالعقارات وتقوم في سبيل ذلك بما يأتي: (1) معاينة العقارات ومسحها وتحديدها وعمل رسوماتها وحسب مسطحاتها).
وقالت المحكمة انه لا يجوز للبلدية الامتناع عن إصدار شهادة بتحديد العقار بحجة مخالفات بالعقار، وإنما يتم إصدار الشهادة في حدود الغرض المخصصة له، وإلا فإنها تكون قد وضعت قيدا أعلى حق المالك في التصرف في ملكه من دون سند من القانون، فلا يجد لها الامتناع عن إصدار شهادة بأوصاف العقار بحجة مخالفات بنائية بالعقار.
وبينت المحكمة ان المشرع رسم على وجه صريح إجراءات تصويب هذه المخالفات، سواء بالطريق الإداري (وقف الأعمال) أو عن طريق إحالة المخالفة للمحاكمة الجزائية (بعد اكتمال الأعمال المخالفة) ولأن الامتناع عن إصدار شهادة الأوصاف يتضمن استعمال هذه السلطة حتى غير ما شرعت له، ويتضمن الزام المخالف بقاعدة قانونية في غير موضعها، وفي غير ما شرعت له.
مخالفات البناء
واستطردت المحكمة: كما انه لا يحول قانونا شهادة الأوصاف مع إثبات المخالفات البنائية في الشهادة حماية لحقوق الغير حسن النية المتعامل على العقار، ولأن المالك الجديد يلتزم بتصويب الأوضاع المخالفة في البناء طبقا لما توجهه المادة 35 من قانون البلدية المشار إليه وإلا فتوقع غرامة يومية.
وخلصت المحكمة إلى أنه لا يغير من ذلك صدور قرار مجلس الوزراء الذي يحظر منح شهادة بأوصاف العقارات المخالفة لشروط الترخيص في السكن الخاص أو المملوك على الشيوع حتى تنتهي اللجنة التي شكلها القرار المذكور وضع الحلول المناسبة للحد من مشكلة التملك على المشاع في السكن الخاص، ذلك ان فرض قيود على الملكية الخاصة لا يكون إلا بموجب قانون يوزن به المشرع بين حقوق أصحابها وبين ما يفرضه من قيود تستهدف المصلحة العامة.
تطبيق الجزاءات
أكدت المحكمة أنه لا يجوز تطبيق الجزاءات على الملكية الواردة في القرار الوزاري، بشأن حظر مجلس الوزراء إصدار شهادة الأوصاف أو إحالة المخالف إلى المحاكمة الجزائية.