الرئيسية / عربي وعالمي / فراغ سياسي ينتظر لبنان وسط أزمة اقتصادية متفاقمة

فراغ سياسي ينتظر لبنان وسط أزمة اقتصادية متفاقمة

يستعد لبنان للدخول في مرحلة من الفراغ السياسي، نتيجة فشل البرلمان أربع مرات متتالية في انتخاب بديل للرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته الأسبوع المقبل 31 أكتوبر(تشرين الأول) الجاري، ما يهدد بتعميق الأزمات في البلاد وسط انهيار اقتصادي متسارع.

وفقاً للدستور، إذا لم يتم إجراء الانتخابات خلال الأيام العشرة الأخيرة من ولاية الرئيس الحالي، تلغى صلاحية البرلمان في التشريع لأنه ملزم بعقد الجلسات الرئاسية فقط

ويرى محللون ومعارضون أنّ الفراغ مرتبط بشكل رئيسي بعدم قبول ميليشيا حزب الله، بعملية اقتراع توصل مرشحاً من خارج دائرة تأثيره إلى الرئاسة، وسعيه إلى التوصل إلى تسوية، على غرار ما حصل عند انتخاب عون رئيساً بعد أكثر من عامين من الشغور الرئاسي.

فراغ مطول
فشل النواب أمس الإثنين في انتخاب رئيس للمرة الرابعة على التوالي، رغم توفّر نصاب انعقاد الجلسة بأكثرية الثلثين في الدورة الأولى، بحضور نواب ميليشيا حزب الله وحلفائهم، قبل أن ينسحب عدد كبير منهم قبل بدء الدورة الثانية من التصويت، ما أطاح بالنصاب.
وقالت مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز “تشاثام هاوس” للأبحاث لينا الخطيب، لوكالة فرانس برس: “السيناريو الأكثر ترجيحاً بعد انتهاء ولاية عون هو الفراغ الرئاسي المطوّل إلى أن تتفق الأحزاب السياسية الرئيسية على مرشح”، وأضافت “على غرار ما حدث عام 2016، سيصرّ حزب الله على فرض مرشح”.
وبدوره، قال رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع، أحد أبرز خصوم حزب الله، على حسابه على تويتر إن “التيار الوطني الحر الذي يرأسه جبران باسيل، صهر ميشال عون، وحزب الله يحاولان تعطيل ملف انتخاب الرئيس كونه لا يناسبهم”، وأضاف “هؤلاء مجرمون كبار يريدون تعطيل هذا الملف حتى يتعب الناس ويقبلوا بـأي رئيس، وهذا لن يحصل”.
في حين قال النائب عن حزب الكتائب اللبنانية المعارض الياس حنكش “ليس مقبولاً أن يتّبع طباخو السلطة المقاربة ذاتها”، في إشارة إلى ميليشيا حزب الله وحلفائها، أي “الذهاب إلى فراغ ليصبح أمراً واقعاً ويحصل بعدها توافق بالإكراه على مرشّحهم”.
ورأى أن “الفريق الآخر يتبع تعطيلاً ممنهجاً سينتهي بقبول أفرقاء آخرين، ربما تحت الضغط، بإيصال مرشحه إلى الرئاسة”، وتابع “لا يجب الوصول إلى 31 أكتوبر(تشرين الأول) الجاري من دون انتخاب رئيس، وإذا تعذّر ذلك، يتعين على رئيس مجلس النواب نبيه بري أن يبقي المجلس مفتوحاً ويطلب من النواب عدم مغادرة القاعة حتى انتخاب رئيس”.
فراع وسط أزمة
ويأتي الفراغ السياسي هذه المرة في ظل انهيار اقتصادي متسارع ومع وجود حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية لضمان الحصول على مساعدات دولية وإن محدودة، يحتاجها لبنان بقوة، وبعد 3 سنوات على احتاجاجات غير مسبوقة طالبت برحيل الطبقة السياسية كاملة.
ويشهد لبنان منذ 3 سنوات انهياراً اقتصادياً صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عقود، خسرت معه العملة المحلية قرابة 95% من قيمتها وبات معه أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر.
وتحول الانقسامات السياسية دون تشكيل حكومة منذ الانتخابات البرلمانية في مايو(أيار) الماضي، بينما يضغط المجتمع الدولي لانتخاب رئيس لتجنّب تعميق الأزمة.
وقال مصدر دبلوماسي غربي رفض الكشف عن هويته: إن “معظم السفارات لدى بيروت قلقة من احتمال ألا يكون للبنان رئيس بعد انتهاء ولاية عون”، مضيفاً “الأزمة السياسية هي آخر ما يحتاجه اللبنانيون الآن”، ومن شأن انتقال السلطة إلى حكومة تصريف أعمال أن يؤدي إلى “خلق وضع مقلق للغاية”، وفق المصدر ذاته.
وقال الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي سامي نادر: إن “استمرار عدم التوافق في الداخل على مرشح قد يستدعي ضغطاً أو تدخلاً خارجياً بغياب اللجوء إلى المؤسسات”.
أبرز المرشحين
بالنسبة إلى الرئيس ميشال عون (58 عاماً) فهو لم يترشح للرئاسة، إذ لا يتيح له منصبه الإدلاء بمواقف سياسية، عدا عن أن انتخابه يتطلب تعديلاً دستورياً، كونه من موظفي الفئة الأولى الذين لا يمكن انتخابهم إلا بعد عامين من استقالتهم أو تقاعدهم، وينظر محللون إليه بوصفه مرشح تسوية في حال فشل التوافق على مرشح آخر.
والمرشح الثاني هو النائب ميشال معوض، نجل رئيس الجمهورية السابق رينيه معوض الذي اغتيل في 22 نوفمبر(تشرين الثاني) 1989، بعد 17 يوماً من انتخابه.
ففي جلسات الانتخاب التي عُقدت حتى الآن، حصل على تأييد كتل رئيسية بينها القوات اللبنانية، أحد أبرز الأحزاب المسيحية بقيادة سمير جعجع، والحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة الزعيم وليد جنبلاط، وحزب الكتائب المسيحي المعارض، إضافة إلى نواب مستقلين وكتل صغيرة.
ويصفه حزب الله بمرشّح “التحدي”، في إشارة على الأرجح إلى كونه مقرباً من واشنطن ومن المطالبين بنزع سلاح الحزب.
والمرشح الثالث الذي يُنظر إليه على نطاق واسع، الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية (57 عاماً)، الذي لم يعلن عن ترشّحه بشكل رسمي، لكنه يكرّر في مقابلات صحافية استعداده لتولي المسؤولية، إذ قال الشهر الماضي “أريد أن أكون رئيساً وحدويّاً يجمع البلد، لا رئيساً كيدياً”.
وغالباً ما يُطرح اسمه كمرشح عند كل استحقاق، وينظر إليه على نطاق واسع على أنه مدعوم من ميليشيا حزب الله، لكن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، صهر عون والطامح بدوره للرئاسة والمتحالف مع حزب الله، أعلن أنه لا يدعمه للتباين في وجهات النظر بينهما.
ويُعرف عن آل فرنجية علاقتهم الوطيدة بعائلة الأسد في سوريا، ولطالما افتخر فرنجية بأنه صديق الرئيس بشار الأسد وبأن علاقته مباشرة معه ولم تمر يوماً بقنوات أو وسطاء.
وأما جبران باسيل (52 عاماً)، أبرز المقربين من ميشال عون الذي يعتبره بمثابة وريثه السياسي، لم يعلن ترشحه، لكنه أكد رفض وصول أي رئيس لا يحظى بحيثية شعبية ونيابية.
كما أعلنت شخصيات عدة ترشحها، وبعضها غير معروف على نطاق واسع، أبرزهم: ترايسي شمعون، ومي الريحاني، ورجل الأعمال سليم إده، وناصيف حتي، وعصام خليفة المؤرخ والناشط والمحلل السياسي، الذي حصل على 10 أصوات في إحدى جلسات البرلمان الانتخابية.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*